المحامي الآلي

تفتح التكنولوجيا أبواباً متعددة كل يوم، ولا نبالغ إذ نقول أنها كل ساعة، حيث تحدث تطورات جديدة بشكل مستمر، وباتت التكنولوجيا من أهم مقومات نجاح الدول، وتتسع مجالاتها لتشمل كل ما يقوم به الإنسان من تعاملات يومية، حيث دخلت التكنولوجيا في المجالات الطبية، والتعليمية، والهندسية، والزراعية، والتجارية وأيضاً مجال القانون، فلم تعد المعاملات الورقية هي القائم عليها أعمال المحاكم والمحامين بل أصبح اللجوء إلى التحول الرقمي هو الأهم، وذلك لما يوفره المجال التقني من الجهد وسهولة وسرعة القيام بالإجراءات المطلوبة، ولذلك حرصت العديد من الدول المتقدمة وأيضاً الدول ذات الرؤية الواضحة على إستغلال تلك التقنيات التكنولوجية التي تساعدها على تحقيق أهدافها وتعمل على تحقيق رؤيتها نحو التطور، ومن صور استخدام التكنولوجيا في القطاع القانوني نذكر عملية رفع القضايا أمام المحاكم إلكترونياً، وجلسات المحاكمات التي تتم بصورة كاملة عبر وسائل الإتصال الحديثة عن بُعد دون الحاجة لتواجد أطراف القضية داخل قاعة المحكمة، وأيضاً ما يسمي بالمحامي الآلي الذي يقوم بالعديد من أعمال المحامي البشرى، وفي هذا المقال سوف نتحدث عن تجربة المحامي الآلي تلك التجربة الجديدة والفريدة.

ما هو المحامي الآلي؟

اتجهت مؤخرا معظم مكاتب المحاماة الكبرى في العالم إلى إستخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات القانونية بشكل كبير، وظهر مصطلح المحامي الآلي، والذي يؤدي العديد من المهام التي يقوم بها المحامين، حيث يسند له الرد على استشارات الموكلين وإيجاد الحلول القانونية للقضايا، والقيام بالتقييم المبكر للقضايا، وتكوين فرضيات للوضع القانوني في القضية، واعطاء الدفوع والحجج القانونية، بالإضافة إلى تحليل العقود وتحديد المخاطر والالتزامات، حيث تقوم هذه الفكرة من خلال بناء قواعد المعلومات القانونية الضخمة والبيانات الشاملة بإستخدام خاصية الذكاء الاصطناعي وإدارة الأنظمة الإلكترونية الذكية، والتي تجعل العمليات الإدارية والقانونية أكثر فاعلية وكفاءة.

ما هي مزايا المحامي الآلي؟

تتعدد مزايا استخدام المحامي الآلي وذلك بتعدد الاستخدامات التي تعمل على توفير الجهد والوقت والمال، ومن تلك المزايا التي يتيحها استخدام المحامي الآلي ما يلي:

–    خدمة الاستشارات القانونية الآلية

يبحث العديد من الموكلين عن التواصل مع محامي من أجل الحصول على استشارة قانونية، وتعد هذه الميزة من أبرز وأهم ما يقدمه المحامي الآلي، وذلك نظراً لما يضمه المحامي الآلي من آلاف الأسانيد القانونية التي تؤهله للرد على الإستشارات القانونية، حيث يقوم بقراءة الوثائق وتحليلها، وكتابة الرد مع شرح كافة نقاط الموضوع بدقة ووضوح، وتوضيح كافة الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها، كل ذلك خلال مدة وجيزة.

ويتم ذلك وفقاً لبعض الشروط، وذلك لتحقيق الهدف من إستخدام تقنية المحامي الآلي وهي على النحو التالي:

  • تزويد تقنية المحامي الآلي بالمعلومات الكافية، وذلك ما يؤهل تلك التقنية من الرد على مقدمها بصورة دقيقة بحسب المعطيات.
  • مراعاة الإطار الزمنى لقديم الإستشارات، وذلك للحفاظ على وقت العميل الثمين وأيضاً مراعاة الدقة الزمنية التي تعمل على تسريع الإجراءات في الحالات القانونية الطارئة والضرورية.
  • احترام الخصوصية والسرية، وذلك من خلال المحافظة على النظام الأمني لتقنية المحامي الآلي بما يساعد على حفظ أسرار وخصوصية العملاء، وذلك ما يمنح تقنية المحامي الآلي صفة الاستمرارية والثقة المتبادلة مع العميل.

–    خدمة العقود الذكية

توفر شفافية العقود الذكية إمكانية التدقيق وتعزيز الثقة وهو ما يسهل الأداء المضمون للمحامي الآلي في التعامل بين الأطراف التي لا تعرف بعضها البعض، وأيضاً بين الأطراف التي قد تكون مترددة في التعامل مع بعضها البعض دون ضمان الأداء، حيث يساعد الضمان المسبق للأداء من خلال التنفيذ الذاتي للعقود الذكية أيضاً على تجنب الإنفاذ المؤسسي وخروقات العقود العادية المكلفة، وتتيح العقود الذكية عمليات قانونية وتجارية أكثر كفاءة وأرخص تكلفة، وذلك ما يسهل على المحامي الآلي توفير أعلى مستويات الكفاءة والخدمة الجيدة للعملاء.

ما هي عيوب المحامي الآلي؟

تختلف عيوب تقنية المحامي الآلي تبعاً لما يقدمه من خدمات، فمثلاً في خدمة الاستشارات القانونية هناك بعض المهارات التي لابد أن يتمتع بها المحامي والتي لا يتمتع بها المحامي الآلي ومنها ما يلي:

  1. الإنصات

لابد أن يشعر العميل أن المحامي ينصت جيداً لمشكلته ويستوعب تفاصيلها مما يجعله يشعر باهتمام المحامي في حل قضيته وإنهاء مشكلته، بينما لا يتمتع المحامي الآلي بهذه المهارة لأنه تقنية خالية تماماً من المشاعر الإنسانية.

  • التفهم والتعاطف

يعتبر إظهار التعاطف والتفهم من المهارات اللازمة للمحامي حيث أنه قد يحتوي حديث طالب الاستشارة على بعض من الخداع أو التضليل أو الأفكار الغير منطقية، وهو ما يصعب على المحامي الآلي عمله أو فهمه.

  • التوضيح وفن الحديث وإدارته

حيث أنه من الضروري للمحامي أن يتمتع بمهارة التوضيح بما يسمح له بإعادة صياغة مشكلة العميل بشكل يظهر استيعاب المحامي لمشكلة العميل، مع النظر إلى العميل والكلام بتمهل وترتيب، وهو ما لا يستطيع فعله المحامي الآلي.

أما بالنسبة لخدمة العقود الذكية فلا يزال هذا النوع من العقود بعيد عن الكمال إذ تواجه مثل هذه العقود بعض العيوب المتصلة بلغة البرمجة والرقابة وإنفاذ الضوابط القانونية، حيث أنه وكما ذكرنا أنه يجب على المحامي الآلي اتباع الشروط التي تؤهله لكسب ثقة العملاء ولكن هناك بعض المعوقات التي تعيق عمل المحامي الآلي في خدمة العقود الذكية، ومنها المعوقات الرقابية والتنظيمية من حيث صعوبة مراقبة الحكومات لمثل هذه العقود وتنظيمها، والمعوقات الإجرائية من خلال الاستخدام الخاطئ للأكواد الرقمية للعقود الذكية، حيث يعتبر عدم استقرار الوضع القانوني والتنظيمي للعقود الذكية هو ما يعرضها إلى اشكالية كبيرة، وكل هذا يمكن أن يؤثر سلباً على عمل المحامي الآلي.

قد يهمك قراءة: التقنيات التنظيمية

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
Email
Print