المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية

مهنة الطب تعتبر من أكثر المهن أهمية للإنسان، تلك المهنة الأكثر رحمة وإجلالاَ للإنسانية بأكملها، والجدير بالإشارة أن مهنة الطب تعد من أقدم المهن المعروفة لدى الإنسان، حيث من خلالها يتم اكتشاف الأمراض التي تصيب الجسم وكذلك العمل على علاجها والحد من خطورتها، فمهنة الطب هي القائمة على الحفاظ على حياة البشرية واستمرارها، ولعل أبسط دليل ملموس على ذلك مهمة الأطباء في حالة انتشار الأوبة، فلولاهم ما يتم الحد من تداعيات وانتشار الوباء، ونظراً لأهمية مهنة الطب فهي تنعكس بطبيعتها على أهمية الطبيب وما له من دور فعال في المجتمع لدى أي دولة، فهو القائم على غرس المعاني الإنسانية الجميلة بين الأفراد في المجتمع، حيث العمل على مساعدة المرضى والاجتهاد في تخليصهم من تحمل الألم، وبالرغم من تلك الأهمية البالغة للطبيب في أي مجتمع، إلا وأنه يتحمل المسؤولية القانونية عن كافة أخطائه الطبية التي تقع منه جراء القيام بعمله، ومن هذا المنطلق ونظراً لتعدد التساؤلات عن المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية سوف نلقي الضوء في هذا المقال على النقاط المتعلقة بتلك الأخطاء الطبية من حيث بيان ماهيتها وأنواعها وكذلك بيان المسؤولية عنها وأنواعها وكيفية إثباتها.

ما هو الخطأ الطبي وما أنواعه؟

إن الخطأ الطبي يعتبر من أخطر المشاكل الطبية التي تهدد المجتمعات في كل دول العالم، فهو بمثابة إخلال بواجبات الحيطة والحذر الواجب مراعاتها فيما يباشر من ممارسات طبية على المرضى، حيث تتعد أسباب الخطأ الطبي، وذلك لسوء الإجراءات العملية المتبعة في علاج المرضى من خلال الطرق الدوائية أو الجراحية، ويعد الخطأ الطبي من أخطر المشاكل الصحية لما ينتج عنه أثار خطيرة، كالوفاة، أو الشلل، أو حدوث مضاعفات جسيمة لجسد المريض.

ولعل من أنواع الخطأ الطبي التي يمكن حصرها، الآتي بيانه:-

1- الخطأ الغير مهني

وهذا النوع من الأخطاء لا يكون لها أية علاقة بالأصول المهنية، فهي تنتج لما يمارسه الطبيب من ممارسات سلوكية ليس لها علاقة بمهنة الطب، وكمثال على ذلك إجراء الطبيب عملية جراحية لمريض وهو تحت تأثير خمر أو مخدر بصورة اختيارية.

2- الخطأ المهني

فهذا النوع من الخطأ هو بالتأكيد ما يقع من الطبيب حال مخالفته الأصول التي تفرضها عليه مهنة الطب، والجدير بالذكر أن لهذا النوع من الأخطاء الكثير من الأمثلة، وهي كالآتي:-

  • الامتناع عن علاج مريض بطريقة عمدية بما يؤدى إلى وفاته.
  • وضع المريض تحت طريقة علاج جديد، لم تكون متعارف عليها أو لم يتم ثبوتها.
  • تأخر الطبيب عمدا عن إجراء عملية ضرورية ووقتية لا تحتمل التأخير، كعملية الولادة والتي قد ينتج عن تأخيرها وفاة الجنين والأم أيضاً.
  • عدم مراعاة الحيطة والحذر عند إجراء عملية جراحية بما ينتج عنه مضاعفات جسدية حادة للمريض قد تؤدى للوفاة، كنسيان أداة أو أي شيء داخل جسم المريض أثناء العملية الجراحية.
  • إفشاء أسرار المرضى الصحية.

ما هي المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية وما أنواعها؟

في البداية يجدر المعرفة بأن مهنة الطب في أساسها قائمة على المسؤولية، بحيث يجب على الطبيب أن يكون ذو خبرة وكفاءة وعلم عند ممارسة مهنة الطب، وفى حال الإخلال بأي مما سبق وترتب على هذا الإخلال ضرر أو شكل جريمة وفق قانون الدولة، فيجد الطبيب نفسه أمام مسؤولية قانونية أما تجاه المريض أو تجاه الدولة، والجدير بالإشارة أيضاً أن المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية تنقسم عادة إلى قسمين، وهي كالآتي:-

1- المسؤولية المدنية

إن معنى المسؤولية المدنية في الأساس هو الإخلال أو الإهمال الواقع من شخص مفروض عليه الإلتزام به قانوناً، بحيث ينتج عن هذا الإخلال ضرر يوجب التعويض عنه، والمسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية هنا هي التي تنتج عن الأعمال السلبية والإيجابية التي تصدر من الأطباء وينتج عنه ضرر جسيم يستحق عنه تعويض المريض عما أصابه.

2- المسؤولية الجنائية

إن المسؤولية الجنائية في أساسها تقوم في حال مخالفة أي شخص لقاعدة قانونية أو ارتكاب لفعل مجرم بنص قانوني في الدولة، وبالنسبة لمهنة الطب فتقوم فيها المساءلة الجنائية عما يرتكبه الطبيب من أفعال مجرمة قانوناً.

ولعل من أكثر الطبية الجرائم انتشارا والتي تتم فيها المساءلة الجنائية بالإضافة للمسؤولية المدينة الموجبة للتعويض عن الأضرار الناتجة، الجرائم الآتية:-

  • الإتجار بالأعضاء البشرية.
  • إجراء عمليات الإجهاض.
  • بيع العقاقير المخدرة والمحظور تداولها في الدولة.
  • إفشاء أسرار المرضى.
  • القتل الطبي أو القتل الرحيم والذي يعتبر مجرم في بعض الدول.

كيفية إثبات المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية؟

يجب لإثبات المسؤولية القانونية عن الأخطاء الطبية سواء كانت مسؤولية مدنية أو جنائية توافر عدة أركان وشروط، ومنها الآتي:-

  • حدوث الخطأ الطبي أو الفعل المجرم قانوناً من الطبيب نفسه أو أحد تابعيه تحت إشرافه العام.
  • حدوث الضرر للمريض نتيجة ممارسة طبية خاطئة من قبل الطبيب أو أحد تابعيه.
  • توافر علاقة السببية في تحقق الخطأ الطبي المرتكب والضرر الحاصل للمريض.

والجدير بالتنويه، أن عبء اثبات خطأ الطبيب يقع على عاتق المضرور المجني عليه متى كان التزام الطبيب ببذل عناية، حيث يجب على المريض أن يقدم الأدلة التي تثبت انحراف الطبيب عن السلوك الوسط الذي يسلكه طبيب من نفس مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية، كما أنه يكون للقاضي المنظور أمامه ادعاء الخطأ الطبي الواقع على المريض المضرور اللجوء إلى الخبرة الفنية في المسائل الدقيقة لتقرير الأدلة المقدمة من جانب المريض المضرور، خاصةً إذا كان الالتزام الملقى على عاتق الطبيب هو التزام بتحقيق نتيجة.

Facebook
Twitter
LinkedIn
Telegram
Email
Print